شبكة فلسطين التعليمية

     

  
 
 
قديم  أرسلت بتاريخ : 13\10\2012
mz spam
عضو نشيط
avatar
تـآريخ إنضمــآمي : 04/10/2012
مُشـآركـآتي : 1084
السٌّمعَة : 2
افتراضي  هل الدولة بحاجة إلى الأخلاق ؟


هل الدولة بحاجة إلى الأخلاق ؟
المقدمة : إن الدولة في تنظيم أمورها وتدبير شؤونها , تحتاج إلى هيئة تشرف
على تسيير وتنظيم حياة الأفراد داخل إطار اجتماعي . وهو ما يعرف بالسلطة
الحاكمة وهي تعمل على وضع القوانين وتطلب من الأفراد الالتزام بها قصد
تحقيق المصلحة العامة . إلا أن هذه القوانين قد لا تقوى على ضبط العلاقات
الاجتماعية ضبطا كاملا , فتنظيم علاقة الفرد بالفرد من جهة وعلاقة الفرد
بالجماعة من جهة أخرى يجعل للأخلاق مكانة ودورا في التنظيم السياسي فهل
الدولة تحتاج الأخلاق في نظام حكمها أم يكفيها ممارسة العمل السياسي ؟
بمعنى آخر هل يكفي ممارسة السياسة في الحكم دون ما حاجة إلى الأخلاق ؟
التحليل :
الدولة في غنى عن الأخلاق :
إن الأنظمة الفردية التي سادت قديما لم تعر أدنى اهتمام بالجانب الأخلاقي
في الحكم . بل اهتمت كثيرا بالقوة , ولعل ذلك يظهر بوضوح في نظرية العقد
الاجتماعي عند " هوبز " , ونظرية القوة والغلبة عند " ابن خلدون" في وصفه
لكيفية قيام الدول وسقوطها , إلا أن ما ذهب إليه المفكر الإيطالي "
ماكيافللي " (1469-1527) يبعد الأخلاق عن الدولة كونه يعتبر أن القوة
المحركة للتاريخ هي المصلحة المادية والسلطة ويرى في مؤلفه الرئيس " الأمير
" إن الدولة التي تقوم على الأخلاق والدين تنهار بسرعة , فالمهم بالنسبة
للحاكم هو تحقيق الغاية المنشودة وهي قوة الدولة وسيطرتها بآية وسيلة كانت "
الغاية تبرر الوسيلة " حيث كان يعتبر من المسموح به استخدام كل الوسائل في
الصراع السياسي مبررا بذلك القسوة و الوحشية في صراع الحكام على السلطة .
كما يرى أن فساد الدولة وتدهور العمل السياسي يعود إلى تدخل الأخلاق والدين
لذلك يفصل بين السياسة والأخلاق .
لكن التاريخ يشهد أن مجمل الأنظمة التي قامت على القوة واللاأخلاق و تخلت عن الأخلاق وتحقيق القيم في الحكم كانت نهايتها الفشل .
الدولة بحاجة إلى الأخلاق :
لقد أمن بعض الفلاسفة منذ القديم بضرورة إدخال الأخلاق في العمل السياسي ,
فقد نظر " أرسطو " إلى علم الأخلاق على أنه علم عملي هدفه تنظيم الحياة
الإنسانية بتحديد ما يجب فعله وما يجب تركه وهذا لا يتحقق إلا بمساندة
القائمين على زمام الحكم باعتبار أن كثيرا من الناس لا يتجنبون الشر إلا
خوفا من العقاب .
ولذلك فقد حدد أرسطو غاية الإنسان من الحياة في مستهل كتابه :" الأخلاق إلى
نيقوماخوس " على أنها تحقيق " الخير الأعظم " وبدون معرفته و الوقوف عليه
لا نستطيع أن نوجه الحياة .
بينما في العصر الحديث ربط " ايمانويل كانط " (1724-1804) فيلسوف ألماني
السياسة بالأخلاق ربطا محكما . وبين على عكس ماكيافيللي أن الغاية من وجود
الدولة هو مساعدة الإنسان وتحسين ظروف حياته وجعل من السياسة وسيلة لتحقيق
غايتها وهي خدمة الفرد حيث يقول : " يجب أن يحاط كل إنسان بالاحترام التام
كونه غاية مطلقة في ذاته " .
وقد عمل كانط من خلال كتابه " مشروع السلام الدائم " على أن الحياة
السياسية داخل المجتمع الواحد وخارجه يجب أن تقوم على العدل و المساواة .
وقد كان لكتابه تأثيرا على الأنظمة الحاكمة في أوروبا – وقد جاء في المادة
الأولى من لائحة حقوق الإنسان : " يولد الناس جميعا أحرارا متساوين في
الكرامة والحقوق ..." .
وهي قيم أخلاقية يعمل المجتمع الدولي على تحقيقها .
لكن الحياة الواقعية التي يعيشها الإنسان وتعيشها الدول لا تقوم على مبادئ
ثابتة بل ممتلئة بالحالات الخاصة التي لا تجعل الإنسان يرقى إلى هذه
المرتبة من الكمال التي يعامل فيها أخيه الإنسان على انه غاية في ذاته .
الدولة تعتمد على السياسة وتحتاج إلى الأخلاق :
الإنسان مدني بالطبع , لهذا كان لابد أن يعيش الإنسان في جماعة , و أن تكون
له مع هذه الجماعة مقتضيات الحياة السعيدة ومن هنا كان قيام المجتمع بحاجة
إلى السياسة لتضع نوع الحكم الملائم له وبحاجة إلى الأخلاق لتنظيم علاقة
الفرد بجماعته وبغيره من الأفراد .
الخاتمة : إن الدولة في حاجة ماسة إلى الأخلاق , وحتى الدول العلمانية التي
تفصل الدين عن الدولة تتبنى الكثير من القواعد الأخلاقية في أنظمة حكمها ,
فالأخلاق ما هي إلا قانونا في جانبه العملي .


 مواضيع ذات صلة بـ هذا الموضوع  هل الدولة بحاجة إلى الأخلاق ؟ Collap16 
مواضيع ذات صلة



مواقع النشر (المفضلة)

 تذكر قوله تعالى :َ ما يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ  هل الدولة بحاجة إلى الأخلاق ؟ Collap17 


لذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 19 ( الأعضاء 1 والزوار 18)
عضويتي


هل الدولة بحاجة إلى الأخلاق ؟ Collap10تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
تستطيع إرفاق ملفات
تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

انتقل الى: