مدينة نابلس
واحدة من المدن الفلسطينية التي تنتمي إلى مجموعة المدن الكنعانية استمدت
تسميتها من الشعوب والقبائل والأقوام الذين سكنوها، فقيل شكيم، ونيابلوس،
ودمشق الصغرى.
تقلب على حكمها العديد من الشعوب والدول الذين اثروا بشكل أو بآخر على تاريخها، دون أن تفقد طابعها الكنعاني الأصيل.
اكتسبت
أهميتها من موقعها الجغرافي الهام, الذي أضفى عليها صبغة خاصة, ميزتها عن
بقية المدن الفلسطينية, ورد ذكرها في العديد من مؤلفات العرب والمسلمين,
فامتدحوها، ووصفوا جمالها، وحسن مناخها، وكثرة خيراتها، ووفرة مياهها، حتى
أن بعضهم تغنى بها.
دانت للعثمانيين عام( 1516)م، مثلها مثل بقية
مدن بلاد الشام، وضعوا عليها أشهر رجالهم، ألحقوها بأهم ولاياتهم، أصبحت مع
نهاية ألحكم العثماني مركزا للواء نابلس.
في منتصف القرن التاسع
عشر شملتها عملية الإصلاح الإداري التي تبنتها الحكومة العثمانية، والتي
كان منها استحداث وإنشاء البلديات في مدن الدولة العثمانية. ففي عام(1868)م
أنشأ فيها أول مجلس بلدي برئاسة رفعت تفاحة، لتأتي بعد القدس، التي تشكل
فيها المجلس البلدي بعد اسطنبول مباشرة عام 1864م أصدر العثمانيون عدة
قوانين وأنظمة من أجل تنظيم عمل المجلس، لتصبح فيما بعد بمثابة نظاما
داخليا يبين طريقة اختيار الهيئة الإدارية وحق الترشيح وأعمال المجلس
وصلاحياته.
تمكن المجلس البلدي، الذي تقلب على رئاسته منذ عام
(1918-1868)م حوالي (27)، رئيسا، من انجاز العديد من الأعمال التي كان لها
أثر كبير في تطور وازدهار المدينة، وعلى رأسها بناء المدارس، والنظافة
وتحسين الإنارة وصيانة عيون المياه.
في (21-9-1918)م احتل
البريطانيون مدينة نابلس، فغيروا في وضعها الإداري ليتناسب مع مخططاتهم
الاستعمارية، ليتمشى مع أطماع الحركة الصهيونية في إقامة وطن لليهود في
فلسطين، فتارة جعلوها تابعة للواء، وتارة أخرى جعلوها مركزا للواء، كما
حاولوا وضع يدهم على مجلسها البلدي، الذين اعتبروه عنوان المدينة وواجهتها
الأمامية، فعينوا حاكما عسكريا للمدينة لتكون له الكلمة الأولى والأخيرة
فيما يخص الحياة العامة في المدينة.
وعلى الرغم من المحاولات
البريطانية لاحتواء المجلس والهيمنة عليه، إلا أن المجلس بقي محافظا على
انتمائه الوطني، فتزعم حركة النضال السياسي في المدينة وتبناها، كما تمكن
من تحقيق العديد من الانجازات في مجال الخدمات، فحسنوا الإنارة والطرق،
والمياه، والمدارس، واهتموا كثيرا بمسألة النظافة التي شكلت عبأ للمجلس
بعدما تخلت عنها حكومة الانتداب.
بعد وفاة رئيس المجلس الشيخ عمر
زعيتر عام (1924)م دخل المجلس البلدي مرحلة جديدة، كان للأحداث والانقسامات
السياسية التي مرت بها ساحة العمل الوطني الفلسطيني، كبير الأثر عليه، ففي
عام(1934)م جرت عملية انتخاب المجلس البلدي لتتنافس على هيأته الإدارية،
ولأول مرة كتلتين، فازت كتلة سليمان طوقان الذي وضع نفسه في خندق المعارضة
لزعامة الحركة الوطنية الفلسطينية الحاج أمين الحسيني، مما أثر سلبا على
علاقة المجلس البلدي بالقوى والفعاليات الوطنية.
تمكن المجلس في هذه
الفترة والتي امتدت من عام(1925-1948)م أن يحقق العديد من الانجازات، فتم
ربط المدينة بشبكة إنارة كهربائية، وإيصال المياه بشبكة معدنية.
في
عام (1934)م أعلنت حكومة الانتداب عن إجراء انتخابات جديدة للمجلس لم يرشح
لها سوى سليمان طوقان وكتلته التي أعلن رسميا عن فوزهم بالتزكية.
تميزت
هذه الدورة والتي استمرت من عام (1948-1934)م بانخفاض مستوى انجازات
المجلس، ويبدو أن السبب في ذلك يعود إلى أحداث الحرب العالمية الثانية
ونتائجها، وكذلك تنامي حركة المقاومة الفلسطينية، حيث انتهجت حكومة
الانتداب سياسة القبضة الحديدية، مما أضعف من قدرات المجلس.
النص الكامل
http://www.najah.edu/modules/graduates/graduates.php?hint=2&id=130&l=ar