ما شاء الله تبارك الله ماشاء الله لاقوة إلا بالله اللهم إني أسالك الهدى والتقى والعفاف والغنى
إحصائيات المنتدى | أفضل الأعضاء خلال الشهر | أحدث المشاركات | | |
أرسلت بتاريخ : 07\02\2013 | | | تـآريخ إنضمــآمي : 23/07/2012 | مُشـآركـآتي : 19058 | السٌّمعَة : 28 | | |
| موضوع في الفن مع الإصلاح
هذا الموضوع من إعداد وتقديم أستاذي المولدي العبيدي
الموضوع:إذا كان الفنان لا يكترث بالحقيقة، فما الذي يبرّر إبداعه لحقيقة؟ التمهيد :لئن أصبح تقليدا منذ بواكيرالخطاب الفلسفي الأوّل قائما أساسا على مطلب الحقيقة والسّعي إلى بلوغها، فإنّ مايجذب الفيلسوف والعالم والسياسي والإنسان عامّة إنّما هي الرغبة الشديدة من أجلمعرفة الحقيقة لكن هذه المعرفة تقتضي أولا استخدام العقل، في حين يسحب الفنان هذهالغاية من أجل تأصيل حقيقة قائمة على خياله ووجدانه وربما حدسه أيضا، إلى درجة أنّالبعض افترض أنّ الفنّان لا يكترث بالحقيقة ولكنّه رغم ذلكيبتدعها. فهل نحن في الفن أماممجال التنصّل من الحقيقة أم تثبيتها ؟ وما هو نوع الحقيقة التي لا يبالي بها الفنان؟ وأيّة حقيقة يبتدع ؟
التلميح لرهان التفكير في المشكل :إنّ فيتحليلنا لأبعاد هذه الإشكاليّة ولأهمّ الرهانات الداعية إليها، نعيّن موقع الحقيقةمن نشاط بشري مميّز وفريد اصطلح عليه بالفن، إذ ما يشدّ الانتباه هنا ليست الحقيقةالقطاعيّة وإنّما هي الحقيقة الواحدة والمخصوصة أي الحقيقة التي تختلف شكلا ومضمونامع أجناس الحقائق الأخرى وهي التي يخلقها الفنّان.
التحليل :إذا كان هدف الفنان ليس معرفي أساسا ولا يتلخّص أبدا فيمعرفة الحقيقة بقدر ما يسعى هذا الأخير إلى الابتكار والإنشاء وهذا هو المعنى الدالفي صيغة السؤال نفسه الذي ورد في شكل افتراض قائما على أداة نفي "إذا كان... لا" فهذه الصيغة تهدف أساسا إلى تثبيت نوع الحقيقة التي لا يبالي بها الفنان وبيانالحقيقة التي يراهن عليها، نستنتج إذن أنّ صيغة السؤال القائمة على الافتراض تطالبالفنّان بتحديد مفهوم الحقيقة التي تتناقض مع الحقيقة التي لا يكترث بها أصلا، فعدمالاكتراث قائم على اللامبالاة والتجاهل واللاّ اعتراف وينسحب هذا بدوره على اللاّمرونة في مصطلح الحقيقة ذاته. فهذا المصطلح يحمل في دلالات متنوّعة وثريّة جدّا إلىحدّ أنّنا لا نستطيع معرفة معنى الحقيقة. فالمطلوب هنا الانتقال من سؤال، ماالحقيقة ؟ إلى سؤال ما حقيقة ؟ هذا السؤال هو الذي يجعلنا نتوقف على معنى الحقيقة كمايذهب إليها الفنان الذي يخلّص هذا المعنى من جملة التصوّرات فتصوّر أوّل باسمالفيلسوف حيث الحقيقة عنده هي في مقابل الخطأ وهي اليقين الذي نتوصّل إليه حينمانستبعد فلسفيّا الرأي الوثوقي القائم على التصديق، وتصوّر ثاني باسم العالم سواء فيمجال الرياضيّات حيث الحقيقة صوريّة صرفة نتوصّل إليها بالافتراض والاستنتاجوالعلوم التجريبيّة حيث تتعلّق الحقيقة بالظواهر الطبيعيّة والوقائع وتحصل الحقيقةبتآلف النظري بالتجريبي. نلاحظ إذن تجانس معنى الحقيقة القائمة على مبادئ العقل إذمتى تطابق العقل مع الواقع الخارجي نكون إزاء الحقيقة الموضوعيّة. وهذا صراحة ما لايبالي به الفنان، فلماذا ؟ حين يبحث الفنان عن الحقيقةيتجنّب قدر الإمكان استخدام العقل لأنّ الخيال هو دعامة الفن فلو تقيّد الفنان أوالتزم بالحقيقة الموضوعيّة لأضاع منه كل ما ميزة له، بمعنى أنّ الالتزام بالحقيقةالذي هو فضيلة لا يمكن الاستغناء عنها في حالة السعي للمعقوليّة ضمن مجال العلموالفلسفة، فذلك قد يبدو علامة نقص ومظهر ضعف حين يكون هدف الفنان خلق عمل فني يتّسمبالجمال بما هو نتاج لخيالاته وأحاسيسه وحالاته الوجدانيّة. فالفنان صاحب خيال واسعبل يضفي على صور العالم رؤى خياليّة ويجسّم في النهاية هذه الرؤى على أنّها حقائقبإمكاننا مشاهدتها في آثاره الفنيّة لذلك علّق برقسن "للفنان عين ميتافيزيقيّة" يترتّب عن الفارق السابق أنّ إلتزام الفنان بالحقيقة الموضوعيّة أو العينيّة يجعلهمقيّدا وملتزما بما هو موجود في حين أنّ سعيه للجمال من خلال الخيال سعي حرّ وطليقلا تتحكّم فيه ضوابط ولا جبريّات ولا قضاء ولا قدرة، إنّه يتعمّد مخالفة النظامالفعلي للأشياء لأنّه يصوّر الأشياء على نحو مغاير لما هو موجود، أو ربما خلق لنفسهفي مجال فني ما عالما خاصا به، وكمثال على ذلك الفنان الموسيقي يخلق لنفسه عالماخاصا من الأصوات المتآلفة عن طريق آلاته الموسيقيّة التي تصدر أصواتا لا وجود لهاأو لمثلها في الطبيعة فيتحرّر بذلك من قيود الصمت الطبيعي أنّه بذلك ليس حبيسالطبيعة وإنما يخلق لنفسه حقيقة خاصّة، هذه الحقيقة الذاتيّة هي التي تجعلنا نتحرّكدون ضوابط فلا أحد في النهاية يرغمه على خلق هذه الحقيقة أو كيفيّة خلقها، فهوالسيّد الأوحد والخالق الوحيد لهذه الحقيقة في هذا المجال. فضمن هذا العالم التيتحكمه الضرورة والحتميّة يتعين على كل من يسعى لكشف الحقيقة أن يكون موضوعي فيتفكيره وفي نظرته للظواهر وعل عكس ذلك نجد الفنان منحازا عاطفيّا وحدسيّا وحسيّاللحقيقة التي يتلذذها لا بعقله بل بحواسه لذلك قال دي فينشي"العين تخطئ أقلمما يخطئ الفكر" فالعمل الفني إذن هو الذي يصوّر الحقيقة من خلال جملة من الخطوطوالأشكال والألوان والمساحات بل أشكال هندسيّة تتخذ صورة المكعّبات كما هو الشأنلدى المدرسة التكعيبيّة. إن ماتكشف عنه هذه الأطروحة ضمنيّا هو خاصّة في بيان قدرة العقل على تغليف الحقيقة وإخفائها، فبواسطة مخيال الفنان يقع كشفها ورصدها لأنّها حقيقة مبتكرة ومبتدعة. كماأنّ الفنان هو الوحيد القادر على استبعاد الحقيقة كمفهوم تمّ تجريده بواسطة العقلليثبت الحقيقة الحسيّة التي يتمّ رؤيتها في مستوى الأثر الفني بما هو لغة الفنانالذي يحمل مقاصده وتصوّراته. فقيمة الفن لا تكمن في تجميل ما يظهر بل في إظهار ما لا يظهر، إذ مناستتبعات اعتبار أنّ قيمة الفن تكمن في تجميل ما يظهر الانزلاق في مجرّد المحاكاةوالاكتفاء بنسخ ما يوجد من جمال في الطبيعة في حين علّمنا هيغلأنّ الجمالالفني يسمو دائما على الطبيعي إذ في هذا المجال تأكيد عل استقلاليّة الفنان وتحريرهمن القانون الطبيعي أو الجبريّة الطبيعيّة فهو ليس مطالب بأن يلتزم في أعمالهبتقليد الطبيعة تقليدا كاملا، الشيء الذي يلغي قيمة الإبداع والحال أنّ الموضوعيطالبنا بضرورة إبراز الحقيقة التي يقدّمها لنا الفنان. النقاش :يفترض هذا من جهة المكاسبالتي يمكن تثمينها أنّالحقيقة لا يمكن لنا أن ننطلق منها بل هي التي يجب أن نصل إليها وهذا من جهة نظرعمليّة يجعلنا نخترق قواعد العقل الذي يعقّم الحقيقة أو أنّه لا يصادق عليها من جهةالمنطلق في حين أنّ الفنان لا تهمّه جملة الحقائق وإنّما رهانه إنشاء حقيقة تتميّزأساسا بالبعد الجميل الذي يحرّر الفنان من هاجس الواقع والالتزامبه. لكن إلى أيّ حدّ بإمكان الفنان أن يخترق الحقيقة كما تتراءى لنا في الواقع ؟وإذا تمكّن من ذلك فأي غنم للإنسان من الحقيقة التي يبدعها الفنان والحال أنّالحقيقة قد لا تبدو واضحة لدى النّاس، أليس الأجدر أن نكشف الحقيقة كما هي فيالواقع خاصّة في عصرنا الرّاهن الذي يحتاج إلى مواقف وأفكار ونظريّات تعيد بناءالواقع بناء نقدي كما فعل الفيلسوف وعليه يمكن أن ندين الفنان إذ ما اكتفى بإبداعالحقيقة دون أن يلتزم التزاما مباشرا بالكشف عن الحقيقة في الواقع ولعلّ هذا ماأدّى بجملة من الفنانين إلى إبداع فنون ملتزمة هدفها كشف طبيعة الواقع وطبيعةالحقيقة المنتشرة بمعنى آخر يطالبنا الفن بأن نكشف عن تناقظات الواقع الرديء بجملةمن التعابير التي تكون أقرب للعقل من الخيال بمعنى آخر فالواقع لا يقتضي مجرّدالتأمّل والاستغراق في الخيال بل يقتضي عقلا راشدا قادرا بالفعل على تشخيص أزماتالواقع بما في ذلك أزمة الإنسان الحالي وتوتّره النفسي وقلقه القائم فعلا في صلبالواقع لذلك بدل أن تكون للفنان عينا ميتافيزيقيّة المطلوب أن تكون له عينواقعيّة.
| | |
| مواضيع ذات صلة بـ هذا الموضوع | | | |
12/3/2013, 00:03 | |
| تذكر قوله تعالى :َ ما يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ | | | |
لذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 19 ( الأعضاء 1 والزوار 18) | عضويتي |
تعليمات المشاركة | تستطيع إضافة مواضيع جديدة تستطيع الرد على المواضيع تستطيع إرفاق ملفات تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
| |
| |
| | |
| | |
|
|
|