اختبارات القدرة على التفكير الابتكاري
الأستاذ الدكتور عبد الرحمن سيد سليمان

بادئ ذي بدء يتعين القول أن اختبارات القدرة على التفكير الابتكاري تستخدم للكشف عن الأطفال -التلاميذ و الطلبة -الذين يتمتعون بقدرة ابتكاريه في كثير من البرامج الخاصة لتعليم المتفوقين و الموهوبين . خاصة في ذلك النوع من البرامج التي تركز على تقديم خبرات لتنمية الابتكار و التفكير الابتكاري لدى الطلبة. ومما يجدر أن هذه الخبرات قد تكون مرتبطة بالمناهج الدراسية وقد تكون مستقلة عنها تماما.
وتقيس اختبارات القدرة على التفكير الابتكاري ما يسمى بالتفكير التباعدي Divergent thinking -الذي سبقت الإشارة إليه-، وتتطلب أسئلة اختبارات الابتكار و القدرة على التفكير الابتكاري طلاقة ومرونة في التفكير ، لأنه لا يوجد للسؤال أو المهمة إجابة صحيحة واحدة كما هو الحال في اختبارات الذكاء الفردية المعروفة من حيث الصدق و الثبات و المعايير، ولهذا ينصح باستخدام اختبارات القدرة على التفكير الابتكاري منفردة في الكشف عن الطلبة المتفوقين و الموهوبين. ومن أمثلة اختبارات القدرة على التفكير الابتكاري مقياس "تورانس".

" مقياس تورانس للتفكير الابتكاري:
ظهر مقياس " تورانس" للتفكير الابتكاري عام 1966، ثم روجع في عام 1974. ويهدف هذا المقياس إلى الكشف عن الطلبة ذوى التفكير الابتكاري ، وتنمية قدراتهم الابتكارية، وذلك بتوفير الظروف التربوية المناسبة لهم.

يتألف مقياس " تورانس" للتفكير الابتكاري من اختبارين فرعيين:
الأول: الصورة اللفظية: " words form A"
وتتكون الصورة اللفظية من سبع أسئلة حيث يطلب من المفحوص أن يقدم أسئلة استفسارية ويخمن الإجابة الممكنة لها Ask& Guess، كما يطلب منه أن يذكر الاستخدامات البديلة أو غير المألوفة لشيء ما ، أو أن يطلب منه أن يذكر عما يمكن أن يحدث نتيجة لحدوث موقف ما غير متوقع.
الثاني: الصورة الشكلية Pictures Form A
وتتكون من ثلاث أسئلة ؛ حيث يطلب من المفحوص أن يكمل صورة ما Picture completion أو أن يكون موضوعات جديدة باستخدام خطوط مفتوحة.

ويصلح مقياس " تورانس" للتفكير الابتكاري للتطبيق على الأطفال في سن الروضة وحتى مشارف الشباب في سن العشرين. ويستغرق تطبيق الصورة اللفظية من الاختبار حوالي تسع وأربعين دقيقة بمعدل سبع دقائق لكل سؤال . أما الصورة الشكلية فيستغرق زمن تطبيقها حوالي ثلاثين دقيقة بمعدل عشر دقائق لكل سؤال.
ويؤكد واضع المقياس على ضرورة التزام الفاحص بتعليمات تطبيق وتصحيح المقياس. ويعطى المقياس باختباريه الفرعيين درجة كلية للقدرة على التفكير الابتكاري مكونة من أربع درجات فرعية للقدرات الابتكارية التي يقيسها وهى الطلاقة و المرونة والأصالة والإفاضة في الشرح وإعطاء التفاصيل . ويمكن تطبيق المقياس بصورة فردية وبصورة جماعية،ولا يحتاج الفاحص مطبق الاختبارين الفرعيين إلى خبرة أو معرفة خاصة باختبارات الذكاء أو الاختبارات الخاصة بقياس القدرات العقلية.
ويمكن القول أنه على الرغم من أن مقياس "تورانس" وضع أساسا كأداة بحث لدراسة جوانب من التفكير الابتكاري، إلا أنه تحول مع الوقت إلى أداة تستخدم في المجالات التطبيقية التي من بينها عملية الكشف عن الأطفال المتفوقين و الموهوبين . ونظرا الى افتقار اختبارات القدرة على التفكير الابتكاري بوجه عام إلى دلالات صدق وثبات مرتفعة -كما ذكرنا آنفا-فإنه ينصح باستخدامها في عملية الكشف بحذر شديد ، ولا غنى عن استخدام محكات أخرى تتمتع بخصائص سيكومترية أكثر وضوحا مثل اختبارات الذكاء الفردية ، واختبارات التحصيل الأكاديمي المقننة.

وتوفرت دلالات عن صدق وثبات مقياس " تورانس" للتفكير الابتكاري في صورته الأصلية ، إذ يشير "تورانس" في دليل المقياس إلى توفر دلالات عن صدق المحتوى Content Validity وعن صدق بناء المقياس Constructive Validity. وتبدو دلالات صدق المقياس في تمثيل فقرات المقياس للأبعاد التي يتضمنها، وفي تمثيل فقرات المقياس للأساس النظري الذي بني عليه المقياس في ضوء نظرية " جيلفورد".
كما توفرت دلالات عن الصدق التلازمي للمقياس ، تلك التي تبدو في قدرة المقياس على التمييز بين ذوي الابتكارية العالية، وذوى الابتكارية المنخفضة . كما توفرت دلالات عن الصدق التنبؤي للمقياس ، تلك التي تبدو في الدراسة التي قام بها "روبلي" (1974) و التي توفرت فيها معاملات ارتباط الأداء على المقياس وتحصيل طلبة الصف السابع على مدى خمس سنوات، حيث كان معامل الارتباط بينهما 0.51 تقريبا.
كما توفرت دلالات عن ثبات المقياس في صورته الأصلية ، بطريقة إعادة الإجراء في الدراسة التي أجراها "تورانس" على عينة تتكون من 118 طالبا يمثلون طلبة الصفوف من الرابع إلى السادس الابتدائي ، حيث تراوحت معاملات الثبات ما بين 0.71 إلى 0.93.

وتتمثل تعليمات تطبيق المقياس في صورته اللفظية في أن يعرض الفاحص على المفحوص الاختبارات السبعة المكونة للصورة اللفظية، ويطلب منه أن يستخدم خياله في الإجابة عن أسئلة تطرح عليه تتعلق بالصورة المعروضة أمامه، مثل: انظر إلى الصورة، ماذا يحدث فيها؟ وما هى أسباب ذلك؟ ماهي الأسئلة التي تخطر ببالك عن هذه الصورة؟ ماهي نتائج هذا الحدث؟ . . . الخ. وتتصل الأسئلة السابقة بالاختبارات الثلاث الأولى ، أما في الاختبارين الرابع و الخامس فيطلب من المفحوص أن يفكر في الاستعمالات غير الشائعة مثلا لعلب الصفيح ، أما في الاختبار السادس فيطلب من المفحوص أن يفكر في أكبر عدد ممكن من الأسئلة المتعلقة بعلب الصفيح مثلا ، أما في الاختبار السابع و الأخير ، فيطلب من المفحوص أن يفترض شيئا ما غير ممكن الحدوث قد حدث فعلا فما هي النتائج المحتملة ، مثلا افترض أن للسحب خيوطا تتدلى منها على الأرض وتربطها على الأرض؛ فما الذي يحدث نتيجة لذلك.

أما تعليمات الصورة الشكلية من الاختبار فيطلب من المفحوص أن يبني صورة أو يكمل صورة بإضافة خطوط أو أشياء جديدة للصورة الأصلية حتى تصبح شيئا جديدا ، أو أن يطلب منه أن يكون موضوعات باستخدام خطوط مقترحة.
ويتم تصحيح استجابات المفحوص على كل من الاختبارات اللفظية والاختبارات الشكلية بالطريقة التي وردت في دليل المقياس.