اختبارات التحصيل الدراسي (أو الاختبارات التحصيلية)
الأستاذ الدكتور عبد الرحمن سيد سليمان

تعد الاختبارات التحصيلية من أكثر الوسائل شيوعا في التعرف على المتفوقين و الموهوبين بعد اختبارات الذكاء،على أساس أن ارتفاع مستوى التحصيل يعد مؤشرا على تفوق الطفل وسرعة فهمه واستيعابه وتعلمه.
تهدف اختبارات التحصيل الدراسي إلى قياس أو تقييم التحصيل المعرفي المرتبط بتعلم سابق للطفل التلميذ . ومع أن الباحثين يحاولون التمييز بين اختبارات التحصيل واختبارات الاستعداد واختبارات الذكاء ، إلا أن التداخل قائم بين هذه الأنواع الثلاثة من الاختبارات بتأثير الخبرات الشخصية والتربوية التي يصعب عزلها بصورة مطلقة عن محتوى الاختبارات المختلفة . ولهذا يتعين القول أن الهدف أو الأهداف التي تسعى إليها اختبارات التحصيل تختلف تمام الاختلاف عن الهدف أو الأهداف التي تسعى كل من اختبارات الاستعداد واختبارات الذكاء إلى تحقيقها، كما أن المحتوى مختلف إلى حد كبير .

ويتم تطبيق اختبارات التحصيل الدراسي بطريقة جماعية. وقد تكون شاملة لمناهج مرحلة دراسية معينة في كل المواد و المقررات الدراسية وقد تقتصر على مادة دراسية معينة. وقد يقوم بإعداد هذه الاختبارات المدرس ، ومن ثم يطبقها على مستوى تلاميذ الفصول الدراسية الذين يقوم بالتدريس لهم، وقد يعد الاختبارات التحصيلية خبراء في مجال التدريس وتطبق على مستوى الدولة كما في لاختبارات التي تعقد في نهاية المرحلة الابتدائية أو الإعدادية (المتوسطة) أو الثانوية في كلا من جمهورية مصر العربية و المملكة العربية السعودية على سبيل المثال.

ويمكن القول أن اختبارات التحصيل الدراسي في شكلها العام (على مستوى نهايات الشهادات كما سبقت الإشارة منذ قليل) تتميز بأنها تعطي صورة واضحة عن نقاط القوة ونقاط الضعف لدى التلميذ في المقررات و المواد الدراسية المختلفة، وأنه يمكن استخدامها كأحد محكات الكشف عن المتفوقين دراسيا؛ تمهيدا لإلحاقهم ببرامج تربوية خاصة في بدء المرحلة الدراسية التي تعقب المرحلة التي يجتازون فيها الاختبار. ومن نافلة القول أن اختبارات التحصيل الدراسي في شكلها الجماعي تكون أكثر موضوعية من حيث إجراءات إعدادها ، ومحتواها وطريقة تصحيحها، كما أنها أكثر دقة في الكشف عن المتفوقين دراسيا في حال مقارنتها بتلك الاختبارات التي يضعها المدرسون.
ومع أن مستوى تحصيل الطالب يعبر عن بعض مظاهر النشاط العقلي لديه، إلا أنه لا يصلح محكا وحيدا-في نظر البعض -للكشف عن تفوقه العقلي، وذلك للأسباب الثلاثة الآتية:
الأول: أن الامتحانات المدرسية بشكلها التقليدي المعروف ، تعاني من عيوب كثيرة من حيث بنائها، وصياغة بنودها، ومدى تمثيلها لأجزاء المقرر، كما أنها تتأثر بعامل الصدفة إلى حد بعيد في الإجابة عن أسئلتها . (القريطي،مرجع سابق: 171).
الثاني: أن الامتحانات المدرسية غالبا ما تعني بقياس الحفظ و التذكر ، وتهمل بقية القدرات كالتحليل و التركيب ، والاستنتاج والإبداع، ومن ثم فهي لا تعكس صورة شاملة عن النشاط العقلي للفرد. وقد لوحظ أن بعض الموهوبين قد يكونوا غير متفوقين في دراستهم، كما اتضح لــ "تيرمان" أن 13% من التلاميذ الأذكياء فاشلين في مدارسهم ، وتبين من دراسة أجريت على التلاميذ المتسربين من مدارسهم في ولاية بنسلفانيا الأمريكية أن 500 تلميذ منهم قد حصلوا على نسب ذكاء تزيد على 120 ، مما يعني أنهم من الأذكياء لكنهم لم ينجحوا في دراستهم (كمال مرسي، 1992: 39).
الثالث: أن الامتحانات المدرسية تكشف فقط عمن استطاعوا تحقيق مستوى تحصيلي مرتفع، بينما تفشل في الكشف عن التلاميذ الذين لديهم إمكانات التفوق، ولكنهم يعجزون عن إظهارها بسبب عوامل عديدة تؤثر في قدراتهم على الأداء الأكاديمي ،كسوء أوضاعهم الأسرية والاجتماعية، وقيم جماعة الأقران، وعادات الاستذكار السيئة والاضطراب الانفعالي وما إلى ذلك من عواملKirk, s.; Gallagher, J.; Anastsiow, N.; 1997: 145) ).
وبالنظر إلى افتقارنا إلى اختبارات تحصيل مقننة منشورة يمكن الاعتماد عليها ، فإن بعض الباحثين يقترحون أن يستفيد القائمون على إعداد برامج تربوية خاصة للمتفوقين دراسيا الإفادة من نتائج تحصيل التلميذ كما تبينها درجاته في المواد الدراسية مجتمعة ، أو في المواد الدراسية ذات الصلة بنوع الخبرات التي تقدمها هذه البرامج.