الإبداع كلمة محبوبة إلي معظم الناس ، فنحن نؤمن إيمانا كاملا بأهميتها ، وأهمية تعلمـها و العمل بها ، بل وتصل بنا الرغبة إلي احتكارها و إحكام السيطرة عليها . وعلى الرغم من ذلك نجد أنفسنا غير قادرين على ذلك . فيعمد البعض أن يسأل عن أسباب عدم قدرتنا على الإبداع ، لذا نجد أنفسنا بحاجة إلي أن نتعرف على تلك الاسبـاب و المعـوقات . و بمـراجعة الكتابات و البحوث التربوية التي تناولت معوقات التفكير الإبداعي (عبد الرحمن محمد السـعدني وثناء مليجـي عـوده : 2006 ، 176- 171 ) ( سناء محمد نصر حجازي : 2006،213-217) ( زينب حبش : 2005 ) ( جودة سعادة : 2003 ) ( عبد الرحمن نور الدين كلنتن و عبد الناصر عبد الرحيم فخرو ،2000 ) ( محبات ابو عـميرة : 2000 ، 67- 68 ) ( ادوار دو بونو : 1999 ، 258-259 ) ( احمد عبد اللطيف عبــادة :2001) . و يمكن تصور أهم معوقات الإبداع فيما يلي :
أولا : معوقات متعلقة بالتلميذ : أ. المعوقات الحسية : وهي معوقات تنتج من مشكلات تتعلق بالشخص نفسه ، مثل : 1. عدم القدرة على تشخيص المشكلة : يشكو معظم الناس من مشكلات تواجههم في الحياة ، بيد أن معظمهم لا يستطيع أن يشخص المشـكلة الرئيسـة من سمـات المشـكلة أو المواصفات الجانبية التابعة لـها و الذي قد يجعل الأفراد ينصرفون من حل المشكلة مع أن قد يكون حلها لا يتعدي خطوة بمجرد معرفة و تحديد المشكلة . كأن يشكو المرء من خروج دخان من سيارته، هذا الدخان سمة جانبية لمشكلة في محرك السيارة ، إن معظم الافراد لا يستطيعوا تحديد سبب هذه المشكلة ، المشكلة الأكثر تعاسة أن معظم من يتسمون بـالميكانيكيين يلجأون إلي تغيير القطعة كاملة بدلا من إصلاح موضع العطل . 2. محدودية الخبرة : إن محدودية خبرة المرء تجعله لا يرى المشكلة إلا من زاوية واحدة، وفي معظم الأحيان حسب ما تقع عليه عيناه فقط ، لذا قد يخطئ المرء في تقديراته ، وهنا نلاحظ حكمة المولى جلت قدرته حين أوصـى بالشـورى حتى تتعدد الفِكَرْ و زوايا مناقشة المعضلة. 3. مشكلة التشبع/ التعود : وهي تعود الفرد على منظر الأشياء من حوله لدرجة أنه لا يعطي لها بالا و لا اهتماما ، وقد تكون من ضمن هذه الأشياء الحل الذي يبحث عنه. فمثلا تعود معظمنا الذهاب إلي عمله و العودة من طريق محدد ، لدرجة انه يقول "أن سيارته تعرف طريقها بنفسها" ، الطريف في الأمر أن هذا الفرد لا يعطي بالا لأمور في الطريق قد تخدمه وقت الحاجة ، فنلاحظ انه يذهب إلي أماكن بعيدة لشراء شئ ما في حين أن هذا الشيء متوافر في أحد المحلات التي على طريق عمله مثلا . 4. عدم استعمال الحواس "الخمس" بالطريقة السليمة: إن تعود المرء على السرعة في أمره (وخصوصا في هذه الأيام) التي تجعله دائما مستعجلا ، لا تمنحه الـوقت للتجريب و إستخدام حواسه لحل مشكلاته . فتكثر عمليات الغش والخداع ويقع الفرد فريسة لهذه العمليات (عبد الرحمن محمد السعدني وثناء مليجي عوده : 2006 ، 176- 179 ) (عبد الرحمن نور الدين كلنتن وعبد الناصر عبد الرحيم فخرو : 2000) .
ب- المعوقات النفسية : إن طبيعة المرء و تربيته بطريقة غير سليمه تؤثر تأثيرا سلبيا على إبداعاته ، وخصوصا إذا لم يتم إرشاده نحوها ، فمثلا تعود أحدنا على إن يكون دقيقا جدا في عمله ، فنجده يتعامل معاملة صارمة تقتل كافة سبل الإبداع ، و تكون حياته خالية من المرونة بل وقاسية قسوة الصحراء . و كذلك أيضا تعودنا على الكسل ، فبدلا من أن ندقق في مسببات الأشياء قبل الحكم على المواقف ، نلاحظ أن البعض يأخذ بحكم الآخرين على الأشياء كشراء سيارة معينة وما شابه، من جهة أخري (وهذا قد يؤرق الأخوة الأطباء) نلاحظ أن بعض المرضى يتناصحون ببعض الأدوية دون استشارة الطبيب ، وقد تصيب تارة وتخطئ تارة أخري، المشكلة أنها قد تكون مميتة أحيانا (هل هذا إبداع للموت ؟ حمانا الله جميعا من كل مكروه). فهل يكون سبب ذلك هو عجزنا عن التفكير بشكل صحيح و متمرس؟
جـ. المعوقات الذهنية : العقل هو مركز التفكير ، لكنه يكون معوقا أحيانا وخصوصا أن : 1. الإصرار على إستخدام التقنية وبخاصة إن كانت بشكل خاطئ : فالحمد لله وصلت التقنية إلي منازلنا بشكل ميسر ، وجميل جدا أن يُسخّر المرء التقنية لخدمته ، لكن حينما تكون هذه التقنية سببا لتعاسته و تعطي نتائج سلبية ، فنحن بحاجة إلي وقفة تأملية لهذه التقنية ونسأل أنفسنا "لماذا حصلنا على هذه النتيجة السلبية من هذه التقنية ؟". 2. عدم الإلمام بأسلوب حل المشكلات بشكل صحيح وعلمي : إن أساليب حل المشكلات تأخذ مراحل محددة ، و بسبب طبيعة البشر (وهي العجلة في الأمور كلها ) نلاحظ عدم اكتراث المرء (وخصوصا أثناء تفكيره) في اتباع هذه المراحل ، فمثلا في التجارب الكيميائية يضطر الكيميائي إلي اتباع عمليات الكشف عن المحاليل مجهولة التركيب في مراحل متدرجة للكشف عن تركيباتها، إن تخطي أي مرحلة تعني عدم دقة النتائج . بينما الفرد عندما يقوم بحل مشكلة فإنه قد يضطر الي استعمال أسلوب لم يتعود عليه ، فيضطر إلي معاملة هذا الأسلوب بنفس المعاملة التي يعامل بها الاساليب التي كان يتعامل معها ، دون مـراعــاة لخصـائص هــذه الأسـلوب ( كأســلوب المحاولة و الخطأ) . 3. عدم تكامل البيانات والمعلومات الرئيسة لتكوين خلفية علمية متكاملة : و يعد ذلك أحد أسباب عدم اكتمال الحلول ، فمثلا يقضي المحققون في العلوم البوليسية وقتا كثيراً في البحث عن أدلة إضافية تساعدهم على حل المشكلة، و أنت عزيزي المبدع عليك التفكير بتمعن، وإستخدام كافة الوسائل لجمع البيانات ، و تقييم هذه البيانات ففي معظم الأحيان نخفق في النتائج بسبب عدم اكتمال هذه البيانات بشكل صحيح . 4. عدم توافر المسببات و القدرات الرئيسة ( كالقراءة و الكتابة والأدوات … الخ) : وهي ما تعرف باسم الإمكانات ، لكن هذا ليس عذرا في عدم حلنا للمشكلة ، فعلينا إيجاد البدائل ، مثلا إن كانت اللغة حاجزا ، فنحن بحاجة إلي تعلم هذه اللغة ، أو إحضار مترجمين وما شابه ، كذلك إيجاد كل ما من شأنه تذليل وتوفير هذه المتطلبات . 5. قلة الثقة بالنفس أو الإفراط في الثقة بالنفس : الثقة بالنفس للدرجة المطلوبة أمر مطلوب وخصوصا أثناء المواجهات أو التطبيقات العملية ، بيد أن الأمر غدا بين إفراط وتفريط لا يتلاءم و القدرات الموجودة ، فان تم تحديد هذه القدرات فلعل أفضل حل بعدها ما تقوله هذه الآية الكريمة: "فإذا عزمت فتوكل على الله " . فإن الغرور مشكلة وكذلك التردد. 6. عدم تقبل النقد الهادف : إن نقد الأفراد لفكرة حل معينة عملية مهمة لبناء فكرة جديدة و رؤية المشكلة من عدة زوايا ، و هنا تتضح عملية النقد الهادف و تقبل هذه الانتقادات بروح طيبة. 7. الشعور بالنقص و الايحاءات السلبية من قبل التلميذ . ولعل ذلك يتضح في ان يكون لدي الفرد فكرة أنه ليس في الامكان أبدع مما هو كائن .
ثانياً : معوقات متعلقة بالمعلم : أ - التدريس التقليدي : لعل من أهم معوقات تنمية الإبداع المتعلقة بالمعلم التدريس التقليدي في مدارسنا والذي يتمثل في بعض جوانبه أن يطلب المعلم من التلاميذ وبإصرار أن يجلسوا متمسمرين في مقاعدهم ، و النظر إلي الحركة داخل الفصل و العمل التعاوني بين التلاميذ عمل مؤاده الفوضي ، و يؤدي إلي عدم قدرة المعلم علي السيطرة علي الفصل دون ادني علم بان المعلم في بيئة تنمية الإبداع هو ميسر وموجه للتلاميذ ، و التلاميذ هم مشاركون في التعلم ومن ثم يصبح كل تلميذ لديه احساس بالمسئولية الفردية وفي ذات الوقت بالمشاركة الاجتماعية و لعل مشكلة عدم السيطرة يمكن التغلب عليها بقليل من الذكاء والمهارة في التعامل مع التلاميذ مما يشعر التلاميذ بانهم يجب ان يكونوا ملتزمين بقواعد النظام المسموح و متحسسين لها ، وأن يمتصوا المعرفة الملقاة لهم كما يمتص الإسفنج الماء . و أيضاً التركيز علي ان يؤدي التلميذ في حله للمشكلات كما يؤدي هو دون أي اختلاف كما قام هو بحلها أول مرة فمن يخالف يعد مخطئا و إتباع طريق وحيد فقط للحل . أي ان التدريس موجه فقط نحو النجاح و التحصيل المعرفي المبني علي الحفظ و الاستظهار و الذي عادة ما لا يحقق أيضاً ، والنظر إلي الاهتمام بتنمية الإبداع ما هو الا مضيعة للوقت من منطلق ان التلاميذ ليسوا بمبدعين أصلا بمعني الحكم من خارج دائرة الموضـوع والحـكم دون المحـاولة . و ربما تسهم نمط القيادة التربوية لدى مديري المدارس الإتباعي المُقلد في الحفاظ على هذا النمط الشائع من طرائق التدريس حيث يرون انحصار دورهم في تنفيذ توجيهات رؤسـائهم حـرفاً بحـرف .
و يرى بعض المعلمين وقد يشاركهم في ذلك مديرو المدارس أن تنمية قدرات التلاميذ الإبداعية عملاً شاقاً ومضنياً، فالتلميذ المبدع لا يرغب في السير مع أقرانه في مناهج تفكيرهم، وقد يكون مصدر إزعاج للمعلم والمدير على السواء، وغالباً ما يرفض التسليم بالمعلومات السطحية التي ربما تُعرض عليه، كما يسبب بعض هؤلاء التلاميذ حرجاً لبعض المعلمين بأسئلتهم غير المتوقعة، والحلول الغريبة التي يقترحونها لبعض المشكلات، ويعتقد تورانس أن هذا كله ربما يؤثر على الصحة العقلية للمبدع . كما أن المدرسة التي يسيطر عليها جو الصرامة والتسلط هي غالباً ما تكون أقل المدارس في استثمار الإبداع وقدرات التفكير الإبداعي لدى تلامـيذها. ( يسري مصطفي السيد : 2005 ) .و لعل من أهم ما يعوق الإبداع تعبيرات المعلمين داخل الفصل و خارجه ، و يمكن أن نذكر مجموعة من " الاقفال العقلية Mind Blocks " التى يمكن ان تعوق الإبداع و التي يستخدمها كثير من المعلمين والتلاميذ : 1. الجواب الصحيح 2. لخطأ اخطأئته 3. لعبه طائشه 4. راعى القواعد 5.ليس منطقتى 6. كون عملى 7.لاتكون أحمق(لاتستظرف) 8.تفادى الغموض (الالتباس) 9. أنا لست مبدعاً 10. المشكلة صعبه 11.لا يشيع جو الحب 12. العنف 13.حل سخيف (Annereila , 1999) (Pehkonen , 1997) .
ب- اتجاهات المعلمين نحو الإبداع : يعتقد بعض المعلمين أن القدرات الإبداعية لدى التلاميذ موروثة وأن بيئة التعلم لها أثر قليل في تنمية هذه القدرات الإبداعية، ويرى البعض الآخر أن الموهبة تكفي دون تدريب للإبداع، وهما معتقدان خطأ .و كذلك فإن هناك عدد غير قليل من المعلمين وبخاصة ذوي الاتجاهات السلبية نحو الإبداع لا يعرفون كيفية تحديد الطرق التي يتبعونها، والمواد التعليمية التي يستعملونها لتشجيع الإبداع.. و أيضاً الشعور بالنقص و الايحاءات السلبية من قبل المعلم واعتبار أنه ليس في الامكان أبدع مما هو كائن .
ثالثاً : معوقات متعلقة بالمنهج : تشير الدراسات التقويمية لمناهجنا إلي أنها لم تُصمم على أساس تنمية الإبداع. والأدب التربوي في مجال الإبداع يؤكد على الحاجة إلي مناهج تدريسية وبرامج تعليمية هادفة ومصممة لتنمية التفكير الإبداعي لدى التلاميذ. و يعوق تكدس المنهج غالباً المعلمين عن تنمية القدرات الإبداعية لدى التلاميذ، خاصة عندما يشعرون بأنهم مُلزمون بإنهاء المادة من ألفها إلي يائها. وبخاصة أنه لا يوجد في الأدب التربوي ما يؤكد أن تغطية المادة وقطعها بالكامل تعني أن التلاميذ قد تعلموها. وعلى المعلم الذكي المبدع أن يدرك هذه الحقيقة . وعلى الرغم أن المعلمين المبدعين قد لا يُغطون مادة علمية كثيرة ، إلا أن تلاميذهم يحتفظون بالمعلومات والمهارات التي كانوا قد تعلموها، علاوة على نمو مواهبهم وقدراتهم التفكيرية الإبداعية (محبات ابو عميرة : 2000، 67-68 ) ( يسري مصطفي السيد :2005 ) ( محمود حسن الأستاذ : 2005) .
لذا ينبغي تطويرمناهجنا بحيث تسمح بإعطاء فرص التجريب الرياضي ، وتتضمن أنشطة محيره مفتوحة النهايات، و تشجع أسئلة التلاميذ وتقدم لهم الفرص لكي يصوغوا الفرضيات ويختبروها بأنفسهم ..و كذلك ضرورة أن تتضمن المناهج الدراسية ما يدعو التلاميذ علي التفكير في طرق مختلفة للحل . هذا إلي جانب تضمين تاريخ العلماء و جهودهم و إكتشافاتهم الرياضيـة و مدي اسهامها في تطور البشرية ، و الاهتمام بالكيف بدلا من الكم والحشو . إذ يمكن التركيز علي ما يدعو للتفكير بجانب جزء بما يسمح علي تعرف المعلومات ، وان تخرج المناهج من احتياجات واهتمـامات التلامـيذ في حيـاتهم اليوميـة و ممارساتهم الحياتية مما تدعو إليهم بأهمية ما يدرسونه . و ضرورة أن تتضمن المـناهج أنشـطة أثرائيـة و التي من أهم أهدافها شحذ تفكير التلاميذ ، و الخروج من المسائل النمطية و التي لا تخرج من مجرد كتابة قانون و التعويض فيه و أخراج الناتج ، و تضمين مشكلات خاطئة ، و خطـوات حـل خـاطئة ، و جعل التلاميذ يقومون بفحصها ، و إدراك الأخطاء فيها .
رابعاً: معوقات متعلقة بالنظام التربوي : لا تزال الفلسفة العامة للمدرسة و دورها في المجتمع ، و أهـداف التربية ، و رسالة المعلم ، تركز علي نقل وتوصيل المعلومات بدلا من التركيز علي توليدها أو استعمالها . كما يعتمد النظام التربوي بصورة متزايدة على امتحانات تشتمل على أسئلة تتطلب مهارات معرفية متدنية ، وكأنها تمثل نهاية المطاف بالنسبة للمناهج وأهداف التربية. وعليه فإن القول بأننا نعلم للامتحان قد يعبر عن الواقع بدرجة كبيرة . إن التعليم من أجل التفكير أو تعليم مهارات التفكير شعار جميل نرفعه ونريده من الناحية النظرية ، أما في الواقع فإن الممـارسات المـيدانية لا تعكس هذا التوجـه (عبد الرحمـن محمد السعدني وثناء مليجي عوده : 2006 ، 176- 178) . هذا إلي جانب قصور الادارة المدرسية ، وجهـل القـائمين عليـها بأهمـية التفـكير . بل و محاربتهم للافكار الإبداعية ، هذا إلي جانب الروتين الاداري داخل مؤسساتنا التربوية .
خامساً: معوقات اجتماعية و بيئية : إن مجتمعنا قد يكون عائقاً كثيراً للإبداع . فمثلا عدم إعطاء الخيال حقه من الممارسة والاهتمام بحجة أن الخيال سمة من سمات الطفولة ، و تكون عيبا في حق الكبار ، بل والأمر ينطبق حتى على اللهو واللعب .و ينطلق ذلك من سيادة مفهوم حل المشكلات بين معظم الناس وحصرها في الجدة بالعمل و عدم الهزل ، في حين أن سمة الهزل و خفة الظل سمة شخصية من سمات المبدعين ( يسري مصطفي السيد :2005) ( سناء محمد نصر حجازي : 2006 ،213-214) .و كما أنه لا يستسيغ الكثير عمليات التغيير ، بل يعتبرونها مشكلة و مضيـعة للــوقت ، بـل و يحبذون النمط المألوف للحياة اليومية بالنسبة لهم وصار الأفراد آلات لا تتوقف . و نجد أن نظرة المجتمع إلي المبدعين مختلفة: إمّا ان يكونوا مهمشين ومهملين (مجتمعات متخلّفة) أو أن يكونوا مقيّمين بشكل ممـيّز(مجتمعات مـتقدّمة) و في الحالتين يمكن اعتبارهم مختلفين عن النمط السائد في المجتمع (نعيم الروادي : 2005،13) . و هذا إلي جانب مظهر من مظاهر المجتمع يمكن اعتباره من أهم وابرز معوقات الإبداع في مجتمعنا هو متمثل في : اتجاه كثير من أفراد المجتمع نحو الفردية و الإنطلاق من فكـرة خـاطئة و هي أن مايفيد الناس يضرني لذا نجدهم حرصين علي ما لا ينفع الناس بمـا توصـلوا إليـه و الذي يمكن ان ينتفع به الآخرون . ولعلنا نوضح بعض الفروق بين نمطين من الفكر لدي الناس : هما الفكر النمطي ، و الفكر الإبداعي .
جدول (1) الفرق بين الفكر النمطي و الفكر الإبداعي
فكر نمطي : + مُوجَه بموجب القواعد + يمارس تصحيح ذاتي للأفكار المطروحة + يتحسس الإطار العام + العمل من افادة نفسي ثم نفسي فقط
فكر إبداعي: -- يتحسس القواعد -- يمارس تبرير ذاتي للأفكار المطروحة -- مُوجَه بالإطار العام -- العمل من افادة نفسي و الأخرين
و من ذلك نجد أن الفلسفة السائدة في المجتمع و مدي تقديره للمبدعين يسهم بقدر ليس بالقليل في إعاقة تنمية الإبداع ، ولعل ذلك كله يمكن ان ننسبه إلي مشكلة في غاية الاهمية و هي أن معظم ما يسود نظامنا التربوي والاجتماعي لا يقوم علي فلسفة واضحة . لذا نجد أن النتيجة الطبيعية لذلك هي عدم تقدير الإبداع والمبدعين ، وعدم الاهتمام بتنميه الإبداع . و من ثم تعد المعوقات الاجتماعية و البيئة هي السبب الرئيس في المعوقات آنفة الذكر .