ما شاء الله تبارك الله ماشاء الله لاقوة إلا بالله اللهم إني أسالك الهدى والتقى والعفاف والغنى
إحصائيات المنتدى | أفضل الأعضاء خلال الشهر | أحدث المشاركات | | |
أرسلت بتاريخ : 06\12\2012 | | | تـآريخ إنضمــآمي : 23/07/2012 | مُشـآركـآتي : 19058 | السٌّمعَة : 28 | | |
| دمج الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس العادية:اعتزال العزلة
دمج الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة في المدارس العادية:اعتزال العزلة ندى بنت صالح الرميح-الرياض :
من المفهومات التي تحظى بعناية بالغة من التربويين ـ وخصوصاً ممن يعملون في مجال التربية الخاصة ـ مفهوم الدمج التربوي؛ لما ينطوي عليه من مضامين التكامل والاندماج بين أفراد المجتمع بصفة عامة. وتعرض هذه المقالة لمفهوم الدمج ومبرراته وأساليبه، ومزايا الدمج وسلبياته والعوامل المؤثرة في نجاحه.عرف بيرش Birch (1974م) الدمج بأنه اتحاد التعليم الخاص مع التعليم العام بغرض تقديم خدمات متنوعة لجميع الأطفال حسب احتياجاتهم التربوية (الموسى، 1992م، 92).ويشير قاموس التربية الخاصة إلى أن مفهوم الدمج يعني خدمة الأطفال المعاقين داخل البرنامج الدراسي العادي، مع توفير العاملين المتخصصين والخدمات المساندة بدلاً من وضع هؤلاء الأطفال في فصول خاصة مستقلة بهم (الفايز 1997م، 38).
والدمج بمفهومه الحالي لا يعني فصل التلاميذ إلى فئتين: الأولى مكانها فصول التعليم الخاص، وأخرى لها أوضاع تعليمية وتربوية خاصة، ولكن يعني اندماجهم مع برامج الفصول العادية. ويستند الدمج إلى البرمجة الفردية فلا يدفع بجميع المعاقين إلى الفصول العادية بل لابد من المواءمة والتدرج، فقد يقتضي الدمج حضور بعض الحصص في مكان أو مدرسة أخرى (محمود، دت، 822).مبررات الدمج:من المعلوم أن تعليم المعاقين عندما بدأ بشكل رسمي في جميع دول العالم ـ وليس في المملكة فحسب ـ كان يركز على برامج العزل والمدارس الداخلية، ثم عندما تبينت الآثار السلبية لعزل الأفراد ذوي الحاجات الخاصة ـ سواء على أنفسهم أو المجتمع ـ بدأ يتبلور اتجاه جديد نحو دمج المعاقين في المدارس العادية وهو ما يعرف بمرحلة "التكامل والاندماج" أي التكامل التام بين شرائح المجتمع المختلفة، وتهيئة الظروف التعليمية والنفسية والاجتماعية لتمكين الأفراد ذوي الحاجات الخاصة من الاندماج في المجتمع بعد معاناة تاريخية طويلة من العزلة (الموسى، 32).
وقد ظهر اتجاه الدمج في الولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1900م حتى إنه يتوقع أن يأتي يوم تفقد فيه كلمة الدمج معناها حيث سيكون الفصل بين الطلاب مسألة عفا عليها الزمن (الفايز، 502).وهناك عدة مبررات لدمج الطلاب المعاقين في المدارس العادية، ومنها: 1ـ السلبيات العديدة التي نتجت عن عزل المعاقين، ومنها: أـ أن المدرسة الداخلية تعزل المعاق عن أسرته ومجتمعه وأقرانه العاديين وتسلبه الحب الطبيعي وهو حب والديه وإخوانه (سالم، 1988م، 103). ب ـ الجمود والصرامة في المدرسة (عبدالرحيم وبثاي، 1992م، 46). ج ـ أن المدرسة الخاصة تحرم المعاق من ممارسة الحياة الطبيعية كما هي في الواقع (الطيب، 1979م، 82). د ـ الاتساع الجغرافي: حيث إن اتساع مساحة البلد يجعل من الصعب بل من المستحيل إنشاء معاهد مستقلة خاصة بكل إعاقة في كل مدينة أو قرية يوجد بها معاقون. وتبدو هذه المشكلة واضحة بشكل كبير في المملكة العربية السعودية؛ لاتساع مساحتها وكثرة المدن والقرى فيها؛ ولذا يكون دمج المعاقين في المدارس العادية الموجودة في كل مكان هو الحل العملي المتاح والأكثر فاعلية لخدمة المعاقين. هـ ـ إن إحساس المعاق بالعزلة الاجتماعية قد يؤدي به إلى الشعور بالانقباض وعدم الإحساس بالسعادة (صبحي، 1979م، 59). و ـ أن في المراكز الخاصة يتم التركيز عادة على جانب واحد فقط من جوانب شخصية الطفل المعاق، ألا وهو جانب الإعاقة، الأمر الذي ينجم عنه في الغالب إغفال الجوانب الإيجابية في شخصيته (الموسى
.2ـ التكلفة المادية: حيث إن إنشاء مبان ضخمة مستقلة لكل إعاقة أكثر كلفة من إلحاق المعاقين بالمدارس العادية مع تأثيث غرفة المصادر وتزويدهم بالخدمات المساندة .3 أنه قد ترتب على عزل المعاق في مدرسة خاصة أن انسحب هذا الشعور على الأسرة فأصبحت بدورها تميل إلى عزل طفلها المعاق عن المجتمع وتنحيته عن أوجه الحياة الاجتماعية المختلفة، فعلى الرغم من ارتفاع نسبة المعاقين في المجتمع حيث تبلغ نسبة الإعاقة الجسدية 33% والإعاقة البصرية 30% حسب إحصاءات المركز الوطني لأبحاث الإعاقة في المجتمع السعودي، مع ذلك فقلما نرى معاقاً في الأمكنة العامة أو المناسبات الاجتماعية .4ـ وبالإضافة إلى هذه المبررات فنحن كمسلمين لنا خاصية مميزة عن سائر العالم؛ إذ يجب أن ينطلق الدمج من مبررات دينية عميقة ومن قيم أصيلة، وذلك أن الله سبحانه وتعالى قد كرم الإنسان كما قال تعالى: \ولقد كرمنا بني آدم \. ومن تحقيق كرامة الإنسان أن يتعلم في أفضل البيئات التربوية المناسبة له، ومن كرامته ألا تكون إعاقته سبباً في عزله وإبعاده عن المجتمع، وخصوصاً أن هذا قدر من الله عز وجل ولم يخترها بنفسه.وأيضاً فالرسول [ يقول: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". فلو كان لديك طفل معاق ـ أو معاقة ـ لأحببت أن تتاح له أفضل الفرص في التربية والتعليم مع حرصك على أن يكون بقربك وتحت رعايتك، وأن يدرس بمدرسة عادية يختلط فيها بمجتمع طبيعي، فإذا كنت تحب ذلك لنفسك فيجب أن تكون هذه أيضاً مشاعرنا تجاه الآخرين، وخصوصاً أن كل إنسان معرض في أي وقت من حياته أن يكون هو أو أحد أقاربه من ذوي الحاجات الخاصة.ويرى الموسى أن مبدأ المساواة بين الناس الذي جاء من عند رب البشر سبحانه وتعالى من أهم السمات التي يتميز بها الدين الإسلامي، فالمنافسة في الإسلام ليست مبنية على الحسب أو الجاه أو اكتمال القدرات الجسدية، وإنما هي مبنية على تقوى الله. وأساليب التعامل مع الجميع في المجتمع ـ بمن في ذلك المعاقون ـ هي أساليب راقية يحكمها الفهم الصحيح لإمكانات وقدرات كل فئة، وليس أدل على مكانة المعاق في الإسلام من أن الله سبحانه وتعالى قد عاتب صفوة خلقه محمداً [ في شأن الأعمى عندما تشاغل عنه الرسول [، كما قال تعالى: \عبس وتولى ü أن جاءه الأعمى\، وأيضاً قصة الأعمى الذي جاء إلى الرسول [ ليأذن له في الصلاة في بيته فقال الرسول [:"هل تسمع النداء بالصلاة؟" فقال: نعم، قال: " فأجب". فعلاوة على أن في هذا الحديث تأكيد أهمية صلاة الجماعة فإنه يعتبر أنموذجاً رائعاً في التعامل مع المعاقين؛ لما فيه من دعوة لنبذ المعاق العزلة وأن يندمج مع المجتمع، حيث إن تأديته الصلاة تجعله يلتقي أقرانه المبصرين خمس مرات في اليوم (الموسى) 31،32).
أساليب الدمج: هناك عدة آراء واتجاهات في دمج المعاقين في المدارس العادية تعتمد على نوع ودرجة الإعاقة وحاجة الطفل المعاق نفسه والإمكانات المادية والبشرية المتوفرة في البيئة.ويحدد النصراوي أربعة أشكال مختلفة للدمج هي (في الفايز، 43): ـ وجود أطفال معاقين داخل فصول مدرسة عادية حيث يتابعون تعليمهم في ظروف العاديين نفسها .ـ وجود أطفال معاقين داخل فصول مدرسة عادية مع الاستفادة من دعم تعليمي خارجي (غرفة المصادر، معلم متجول). ـ وجود أطفال معاقين يستفيدون من بعض المواد الدراسية المدرجة ضمن الفصول العادية، كحصص التربية الفنية والاقتصاد المنزلي والرياضة، مع مواصلة بقية تعليمهم بمراكز التربية الخاصة. ـ وجود فصول للمعاقين داخل المدرسة العادية لها معلموها المختصون ووسائلها المناسبة، ويتم الاختلاط بين المعاقين والعاديين في ساحة المدرسة أو في النشاطات اللامنهجية.
والصورة الحقيقية للدمج التي يتطلع إليها التربويون هي فيما أشار إليه الموسى من أن الدمج التربوي يمكن تحقيقه في أي مستوى من مستويات الدراسة من مرحلة ما قبل المدرسة إلى المرحلة الثانوية، حيث يعد معلم الفصل العادي مسؤولاً عن التلاميذ المعاقين؛ ولذا يقوم بتعديل طرائق التعليم والمحتوى المنهجي لتمكين جميع الأطفال من الانضمام إلى برامج عادية تكون على مستوى يتناسب مع قدرات كل طفل، ويغادر التلاميذ المعاقون الفصل الدراسي لمجموعة صغيرة أخرى لغرض تعليم فردي أو لتقويم فردي أو تسلم واستلام المواد التي يقوم بإعدادها مدرس التربية الخاصة، وهذا النوع من الدمج لابد له من خدمات مساندة تشمل:ـ غرفة المصادر حيث تكون المصدر الرئيس للوفاء بالاحتياجات التعليمية الخاصة بالأطفال المعاقين.ـ برنامج المعلم المتجول حيث يقوم بالخدمات نفسها التي يقوم بها معلم خدمات غرفة المصادر.ـ برنامج المعلم المستشار، حيث يكون دوره استشارياً أكثر منه تعليمياً، ويقدم الاستشارة للمعلم أو الإدارة والطالب والأسرة. والصورة المطبقة حالياً في مدارس الرئاسة العامة لتعليم البنات في المملكة العربية السعودية ـ باعتبارها تجربة جديدة تم فيها الدمج بصورة مبدئية ـ تعتمد على التحاق الطالبات ذوات الاحتياجات الخاصة بفصول تابعة لمدرسة عادية، حيث يتم الاشتراك مع الطالبات العاديات في الطابور الصباحي والفسحة وفي النشاطات اللاصفية، وهذا الدمج مطبق للإعاقة السمعية والعقلية.وأما وزارة المعارف فقد خطت خطوات أكثر حيث إنها بالإضافة إلى اعتمادها أسلوب الدمج الجزئي للإعاقة السمعية والعقلية في عدد من المدارس عن طريق فصول ملحقة بالمدرسة العادية فقد تبنت أيضاً تجربة الدمج الكلي لفئة المكفوفين في المدارس العادية، حيث يتلقون تعليمهم مع أقرانهم العاديين في الفصل الدراسي نفسه مع تقديم المساعدات الفنية اللازمة مثل كتب وآلات برايل.
مزايا الدمج وسلبياته: لابد لكل شيء في الحياة من جانبين سلبي وإيجابي، ولكن يتم ترجيح أحد الاحتمالات بناء على الأكثر جدوى ومنفعة والأقل ضرراً.ومن مزايا الدمج التربوي وإيجابياته (الموسى، 39 ـ 40، محمود، 812، كنمور، 1981م، 166):ـ تعتبر المدارس العادية هي البيئة الطبيعية التي يمكن للأطفال جميعاً أن ينموا فيها معاً على حد سواء. ـ الدمج التربوي يتيح للأطفال المعاقين فرصة البقاء في منازلهم مع أسرهم طوال حياتهم الدراسية، الأمر الذي يمكّنهم من أن يكونوا أعضاء عاملين في أسرهم وبيئاتهم الاجتماعية، وخصوصاً أن الحياة الأسرية على جانب كبير من الأهمية عاطفياً واجتماعياً واقتصادياً. ـ أن الدمج التربوي يكسب المعاق المهارات الاجتماعية وحسن التصرف في المواقف المختلفة. ـ أن احتكاك المعاقين بأقرانهم العاديين في سن مبكرة يسهم في تحسين اتجاهات كل منهم نحو الآخر. ـ أن الدمج التربوي يعمل على إيجاد بيئة واقعية يتعرض فيها الأطفال المعاقون إلى خبرات متنوعة من شأنها أن تمكنهم من تكوين مفهومات صحيحة واقعية عن العالم الذي يعيشون فيه. ـ الدمج التربوي يعمل على الحيلولة دون ظهور وصمات العار التي عادة ما تصاحب الفصول الخاصة أو المعاهد الخاصة. ـ أثبتت العديد من الدراسات أن التوافق النفسي والاجتماعي والتحصيل الدراسي يكون أفضل لدى الأطفال المدمجين من غيرهم والذين يدرسون في مدارس خاصة.
ومن سلبيات الدمج أو من المصاعب التي تعترضه (ماهر محمود، 1986م، 30، الموسى، 43): ـ لابد من وجود نظام مساند قوي متماسك حتى يمكن الوفاء باحتياجات الطلاب المعاقين في المدارس العادية. ـ يتطلب الدمج توفير عدد كبير من المدرسين الاختصاصين والمرشدين النفسيين المتخصصين في مجال الإعاقة للتعامل مع أعداد قليلة متناثرة من المعاقين في المدارس العادية. ـ أن الاتجاهات السلبية التي قد تبدر من معلم الفصل العادي أو من الطلاب غير المعاقين قد تجعل عملية الدمج تجربة تعليمية سلبية بالنسبة إلى الأطفال المعاقين.
ما هي عوامل نجاح الدمج التربوي؟ هناك عدة عوامل لنجاح عملية الدمج، منها عوامل طلابية وعوامل مدرسية وعوامل أسرية وعوامل مجتمعية. وقد أثبتت الدراسات أن العوامل التي حظيت بالأهمية القصوى هي (الموسى، 22، 26): ـ مرونة وتقبل معلم الفصل العادي للطفل المعاق. ـ تقبل التلاميذ العاديين للطفل المعاق.ـ المهارات الاجتماعية للطفل المعاق. ـ التحصيل الأكاديمي للطفل المعاق.ـ اتجاهات الأسرة الإيجابية وتقبلها للطفل المعاق. ـ توفر المستلزمات البشرية والمادية المساندة للطفل المعاق.ومن بين هذه العوامل وجد أن مرونة معلم الفصل العادي تعتبر من الأمور الضرورية لإنجاح عملية دمج الأطفال المعاقين في المدارس العادية؛ ولذا فإن نجاح الدمج يعتمد إلى حد كبير على اختيار معلم الفصل العادي الذي يبدي رغبة أكيدة في التعامل مع هذه الفئة ويكون لديه روح التجديد وقبول التحدي.
مجلة المعرفة
| | |
| مواضيع ذات صلة بـ هذا الموضوع | | | |
| تذكر قوله تعالى :َ ما يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ | | | |
لذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 19 ( الأعضاء 1 والزوار 18) | عضويتي |
تعليمات المشاركة | تستطيع إضافة مواضيع جديدة تستطيع الرد على المواضيع تستطيع إرفاق ملفات تستطيع تعديل مشاركاتك
كود HTML معطلة
|
| |
| |
| | |
| | |
|
|