بسم الله الرحمن الرحيم


الأخوةُ الأكارم
السلامُ عليكمْ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه
أحبُّ أنْ أضعَ بينَ أيديكُم موضوعاً مهماً منْ قواعدِ الإملاءِ، ألا وهو كيفيةُ كتابةِ الهمزة بأشكالِها المختلفةِ ( ئـ ، ؤ ، {أ،إ} ، ء ، وهمزة الوصل: {ا})، وقدْ قلَّ اهتمامُ الناسِ بهذهِ القواعدِ، ومنَ واجبِ كلِّ منْ يعلمَ هذهِ القواعدَ أنْ يُعلِّمَها منْ جَهِلَها، مُبتغياً بذلكَ وجهَ اللهِ تعالى، فهذهِ اللغةُ هيَ لغةُ القرآنِ، ويجبُ علينا عدمُ التفريطِ بها وبقواعِدها.

وقدْ صنّفتُ موضوعِي هذا إلى عدةِ أصنافٍ (مهم: وهو الذي لابدَّ منْ قراءتِه وفَهمِه، ومستحسن: وهو عبارةٌ عنْ أفكارٍ داعمةٍ للأفكارِ الرئيسيةِ وتفيدُ في الفهمِ بإذنِ اللهِ، وغير مهم: وهو عبارةٌ عنْ معلوماتٍ يمكنُ الاستغناءُ عنْها فهيَ غيرُ مهمّةٍ للمُبتدئِ) ولكنْ يُنْصحُ بقراءةِ كاملِ الموضوعِ كي تكونَ الفكرةُ كاملةً.


*****مستحسن*****
في البدايِة يجبُ أنْ نعرفَ مسمياتِ رسمِ الهمزاتِ بشكلٍ سريعٍ:
1- ئـ ، ئ ، همزةٌ مرسومةٌ على نَبِرَة (كرسي).
2- ؤ ، همزةٌ مرسومةٌ على الواو.
3- أ ، همزةٌ مرسومةٌ على الألفِ (إذا جاءَتْ في بدايةِ الكلمِة سُمِّيَت همزةَ قطعٍ وقد تكونُ في حالةِ الكسرِ إ).
4- ء ، همزةٌ مرسومةٌ على السطرِ.
5- ا ، همزةُ الوصلِ.
قبلَ الدخولِ في التفاصيلِ يجبُ أن نعرفَ أخوتي الأكارمَ أنَّ الموضوعَ سهلٌ وسلسٌ، بل صدّقوني ستجدونَ الأمرَ مسلياً وممتعاً بإذنِ الواحدِ الأحدِ.


****مستحسنٌ*****
تصنَّفُ جميعُ الهمزاتِ حسبَ موقعِها في الكلمةِ، فالهمزةُ الابتدائيةُ: هي الهمزةُ التي تأتي في أولِ الكلمةِ، والهمزةُ المتوسطةُ: هي ما تأتي في وسطِ الكلمةِ، والهمزةُ المتطرفةُ: هي التي تأتيْ في آخرِ الكلمةِ.






الهمزاتُ التي تأتي في بدايةِ الكلمةِ (الابتدائية)


وتُصنَّفُ إلى صنفين، همزة الوصل، وهمزة القطع.


1- همزةُ الوصلِ

*****غير مهم*****
لماذا سُمِّيتْ همزةُ الوصلِ بهذا الاسمِ؟، سُمِّيتْ بهذا الاسمِ لأنّها تَسقُطُ في درجِ الكلامِ كأنْ نقولَ (حَضَرَ المُدرّسُ)، فاتصلَ الراءُ باللامِ لفظاً لا خطاً (أي لَفظْنا حرفَ الراءِ ثمّ اللامَ مباشرةً "حَضَرَلْمُدَرِّسُ" بدونِ المرورِ بالألفِ، أمّا في الرسْمِ فإنَّ الألفَ مرسومةٌ وتفصلُ بين الراءِ واللامِ)، وبنفسِ الوقتِ، فإنَّ همزةَ الوصلِ نتوصَّلُ بها إلى النُطقِ بالساكنِ عن طريقِها إذا جاءَ الساكنُ في بدايةِ اللفظِ، فكلمةُ (الْعالِمِ) بها (الـ) التعريفِ، واللامُ في (الْـ) التعريف ساكنٌ، فلا يمكنُ البَدءُ بالساكنِ، لذا جاءَتْ الألفُ لتُوْصلَنا إلى اللفظِ.



*****مهم*****

وهي تأتي في بدايةِ الكلماتِ (حصراً) وحالاتُها معدودةٌ، ويمكن إحصاؤُها كما يلي:
1- همزةُ ماضيْ الفعلِ الخماسيِِّ والسداسيٍِّ (ماضيْهِ مكوَّنٌ من خمسةِ أو ستّةِ حروفٍ) (مثلُ: انْطَلَقَ، اسْتَغْفَرَ) وأمرِهما (مثلُ: انْطَلِقْ، اسْتغفِرْ) ومصدرِهما (مثلُ: انْطِلاق، اسْتغفار)، أضِفْ إلى ذلكَ أمرَ الفعلِ الثلاثي (ماضيْهِ مكوّنٌ منْ ثلاثةِ حروفٍ) (مثلَ: انْجحْ).

2- ألِفُ (ال) التعريفِ (مثلُ: الشّمس، القمر).
3- هنالك أسماءٌ عشرةٌ همزاتُها همزاتُ وصلٍ هي:
اسم، است، اثنان واثنتان، ابن، ابنم، ابنة، امرؤ، امرأَة، ايمن.

******غير مهم*****
است، البناءُ أساسُهُ.
أيمن كلمة موضوعة للقسم: وايمنُ الله لأفين. وابنُم بمعنى ابن. هذا ويُحرَّكُ الذي قبلَ الأخيرِ من (ابنم وامرئ) بحركة الحرف الأخير تقول: (هذا ابنُمُ وامرُؤ، ورأيت ابنَماً وامرَأً ومررْتُ بابنِمٍ وامرِئٍ) ولا ثالثَ لهما في اللغةِ.



****مستحسن*****
لا تلفظُ أَلِفُ الوصلِ إلا في أَولِ الكلامِ، وتُحذَفُ لفْظاً وخطّـٍاًمن كلمةِ (ابن) إِذا وقعَتْ صفةً بين اسمين ثانيْهما أَبٌ للأَولِ: محمدُ بْن عبد الله "مُحَمَّدُبْن" فإِن وقعَتْ (ابن) أَولَ السطرِ تُثْبَتُ الأَلف خطّاً فقط.
وتحذفُ كذلكَ ألِفُ (ال) خطاً ولفظاً بعدَ اللاماتِ مثلُ: المجْدُ للمُجِدِّ (أصلُها: لِالْمُجِدِّ)، إِنه لَلْحقُّ (أصلُها: لَالْحَقُّ).


****مستحسن*****
قد نلحظُ بعضَ الأفعالِ ما يُكتَبُ ماضيْها بأربعة أَحْرُفٍ خطّـاً (مثل: اخْتَصَّ) ولكنَّنا عندما نسبِقُها بالواو نجدُ الهمزةَ الابتدائيةَ تُحذَفُ في اللفظِ، إذاً هي همزة وصل، ولكنَّ الماضيَ مكتوبٌ بأربعةِ أحرُفٍ! الجواب هو بكُلِ بساطةٍ: إنَّ الشَدَّةَ (التَضْعِيْف) تُعْتَبَرُ حرفاً مُكرّراً لنفس الحرف (أصلها: اخْتَصص، وعندما تمَّ دمـجُها أصبحَتْ بحرفٍ واحدٍ خطَّـاً)، وتأخذُ الشَّدَّةُ حركتينِ في اللفظِ بينما يَأخُذُ الحرفُ العاديُّ حركةً واحدةً، ألا تُلاحِظُ أَنَّكَ عندما تقولُ "حضَّر التلميذ واجبنه) فإنك تقِفُ عند الحركةِ (سكون) لتُكْمِلَ اللفظَ بحركة الشَّدَّةِ (الفَتْحَة) (سكون + حركة = حركتان، ولا تعارضَ، فالسكونُ يأخُذُ منَ الوقتِ في اللفظِ ما تأخُذُهُ الحركةُ)، فإنْ عَدَدْتَ أحرُفَ الفعلِ لتراهُ رباعيَّاً أم خماسيَّاً أم سُداسيَّاً فإنّكَ تَعْتَبِرُ الشّّدَّةَ حرفينِ (ا خـ ـتـ ـصـ ـص)، خمسةُ حروفٍ فالفعلُ خماسيٌّ فهمزتُه همزةُ وصلٍ والسليقةُ صحيحةٌ "وَخْتَصّ" صحيحةُ اللفظِ رَغمَ أنَّ الفعلَ (ا خـ ـتـ ـصَّ) يَظهرُ للوهلةِ الأُولى أنّه رباعيُّ الأحرفِ.





2- همزةُ القطعِ

*****مستحسن*****
همزةُ القطعِ هي التي تُثْبَتُ لفظاً وخطّـاً، ابتداءً ووصلاً مثلُ: أَكرِمْ (ابتداءً) أَخاكَ وأَكرِمْ(وصلاً) أَباك، لاحظ الفرق بينها وبين همزة الوصل(همزة الوصل لا تلفظ وصلاً "صَعَدَلْجَبَلَ").

*****مهم*****
ما عدا الأَسماءِ والأَفعالِ الخاصَّةِ بهمزةِ الوصلِ فجميعُ الهمزاتِ (الإبتدائيّة) الأخرى هي همزاتُ قطعٍ تُثْبَتُ في الخَطِّ وفي اللفظِ مثلُ: أَخذَ أَخوكَ طفلاً إِلى أُمِّهِ وأَكرمه.

*****مستحسن(قابل للنقاش)*****
طريقةٌ سهلةٌ لمعرفةِ هلْ الهمزةُ همزةُ وصلٍ أم قطعٍ بدونِ أيِّ تعقيدٍ، وعن طريقِ السليقةِ.
فقط ضَعْ حرفَ الواو قبلَ الكلمةِ، سَواءً أكانَتْ فِعلاً أمْ اسماً، والفُظِ الكلمةَ مع الواو وكأنَّ الهمزةَ همزةُ وصلٍ، فإنْ كانَ اللفظُ مقبولاًتعتبر الهمزةُ الابتدائيةُ همزةَ وصلٍ (ا)، وإلافهي همزة قطع (أ ، إ) مثالٌ: واسْتـَمِعْ (همزةُ وصلٍ لأنّك تقولُ باللفظِ "وسْـتمع")، وأحْمَد (همزةُ قطعٍ، فلا يمكنُ حذفُ الألفِ باللفظِ فلا تستطيعُ أنْ تقولَ - وَحْمَد -).

أمثلةٌ أخرى:
واستفتِهم "وَسْتَفْتِهِم" همزةُ وصلٍ
وأريد "وأُرِيْدُ" همزةُ قطعٍ
وإحسانك "وإِحْسَانُكَ" همزةُ قطعٍ
واستمرَّ "وَسْتَمَرَّ" همزةُ وصلٍ


الهمزةُ المتوسطةُ


*****مهم*****
وتأتي في وسطِ الكلمةِ، مثلُ (فِئَة، مُؤْتمن، مسْأَلة، مروْءَة).
قبلَ الدخولِ في التفاصيلِ يجبُ أنْ نعرفَ شيئاً أكثرَ من مهمٍّ، فكلُّنا نَعلمُ أنَّ اللغةَ العربيةَ بها ثلاثُ حَرَكاتٍ وسكونٌ، وهي بالترتيبِ حسبَ القوِّة، الكسر ثم الضم ثم الفتح ثم السكون.
والمعلومةُ الأخرى والتي لا تَقِلُّ أهميةً أنَّه وعندَ رسمِ الهمزةِ (المتوسطة والمتطرفة) يجبُ مراعاةُ الآتي:
الكسرُ تناسبُه النَبِرةُ(ئ)، والضمُّ يناسبُه الواو(ؤ)، والفتحُ يناسبُه الألِفُ(أ)، والسكونُ يُناسبُه السَطْرُ(ء).






*****مهم*****
السؤالُ المهمُّ، كيفَ نعرِفُ رسمَ الهمزةِ المتوسطةِ؟
الجوابُ البسيطُ جداً: ننظرُ إلى حركةِ الهمزةِ وحركةِ الحرفِ الذي قبلَها، فأيُهما الأقوى فإنَّه يأخذُ ما يناسبُه، مثالٌ عاجِلٌ (اسـتِـئْـنـاس) كيفَ عرفْنا أنَّ الهمزةَ يَجُب أن تُكتَبَ على نبرةٍ؟ الجوابُ هو أنَّ حركةَ الهمزةِ هو السكونُ، وحركةُ ما قبلّها الكسرُ، والكسرُ أقوى من السُّكونِ والكسرةُ تناسبُها النبرةُ، لذا وبكلِّ بساطةٍ كتبْنا الهمزةَ على النبرةِ.
هاكَ مثالاً آخرَ، كلمةَ (مَؤُونة)، كيفَ عرفْنا أنَّ الهمزةَ تُرسَمُ على الواو؟ الجوابُ بكلِّ بساطةٍ هو أنَّنا نظرْنا إلى حركتِها وحركةِ ما قبلَها، وبما أن الضمَّ أقوى من الفتحِ، فقدْ اخترْنا ما يناسبُ الأقوى وهو الواو.

هذه هي الطريقةُ الوحيدةُ، ولا أعتقدُ أنَّ الأمرَ صعبٌ على الإطلاقِ.
في جميعِ ما سَبَقَ لا نَكتُبُ الهمزةَ على السطْرِ.




*****مهم*****
تُكْتَبُ الهمزةُ المتوسطةُ على السطرِ في الحالات الآتية:
1- إذا جاءَتِ الهمزةُ مفتوحةً بعدَ ألِفٍ، مثلُ: قِرَاءَة ، جَاءَكُم ، عَبَاءَة.
2- إذا جاءَتِ الهمزةُ مفتوحةً أو مضمومةً بعدَ واوٍ ساكنةٍ، مثلُ: سَوْءَةَ أخيهِ، لم يأْتِ إلا سُوْءُهُ ، (نلاحظُ أنّنا لم نَلتَزِمْ بالقاعدةِ السابقةِ في حالةِ كَوْنِ الهمزةِ مضمومةً أو مفتوحةً عندما سَبَقَهَا الواوُ الساكنُ، أما في حالةِ كسرِ الهمزةِ فإنَّ القاعدةَ الأصليةَ هي التي تُطبَّقُ، مثل: منْ سُوْئهِ كَذِبُهُ).
3- نعرفُ أنَّ حروفَ العلّةِ في العربيّةِ هي (الألِفُ والواوُ والياءُ) وما عداها حروفٌ صحيحةُ، فعندما تجيْءُ الهمزةُ المتوسِّطةُ مفتوحةً وقبلها حرفٌ صحيحٌ ساكنٌ وبعدَها ألفُ اثنينِ (شيئان، طفلـان) فإنّنا نكتُبُها على السطر أيضاً، مثلُ: جُزْءَانٍ.
4- عنمدا تجتمعُ ثلاثةُ واواتٍ متتاليةٍ، فإن كلمةً مثلَ "موؤودة" لا نكتبُها بهذهِ الطريقةِ وإنما نجْعَلُ الهمزةَ على السَّطْرِ "مَوْءُودَة"، (هكذا تقول القاعدة، ولكنّني ألاحظ أنَّها نفسُ القاعدة السابقة، " إذا جاءَتِ الهمزةُ مفتوحةً أو مضمومةً بعدَ واوٍ ساكنةٍ"!




****مستحسن*****
هنالكَ حالةٌ شاذةٌ للهمزةِ المتوسِّطةِ، وهي أن تكون الهمزةُ مفتوحةً بعد ياءٍ ساكنةٍ، مثلُ: هَيْئَة، ويمكن الأخذ بالقاعدة الرئيسيةِ فتكون بهذا الشكلِ "هَيْأَة".



الهمزةُ المتطرفةُ


*****مهم*****
وهي الهمزةُ التي تأتي في نهايةِ الكلمةِ، مثلُ (مَرافِئ، تَجَرُّؤ، قَرَأ، كِفْء)

*****مهم*****
عندَ كتابةِ الهمزةِ المتطرفةِ ننظرُ إلى حركةِ ما قبلَها ­فقط ولا ننظرُ إلى حركتِها، ونكتبُ الهمزةَ على حسبِ ما يناسبُ حركةَ ما قبلَها، ففي الأمثلةِ السابقةِ، كتبْنا الهمزةَ المتطرفةَ على نبرةٍ في كلمةِ (مرافِئ) لأنَّ حركةَ ما قبلَ الهمزةِ الكسرُ، والكسرُ تناسبُه النبرةُ، وكلمةُ (تجرُّؤ) نظرْنا إلى حركةِ ما قبلَ الهمزةِ فوجدناها ضمةً، والضمةُ يناسبُها الواو، لذا كتبْنا الهمزةَ على الواو، وفي كلمة (قرَأ) حركةُ ما قبلَ الضمةِ الفتحُ لذا لكتبْنا الهمزةَ على الألِفِ، لأن الفتحَ يناسبُه الألفُ، ونظرْنا إلى ما قبلَ همزةِ (كِفْء) فوجدْنا السكونَ، لذا كتبْنا الهمزةَ على السطرِ لأنَّ السطرَ يناسبُ السكونَ.


*****مستحسن*****
هناكَ حالةٌ شاذةٌ يقالُ إنَّها وحيدةٌ في الهمزةِ المتطرفةِ، ألا وهي كلمةُ (تَبَوُّء) فلم تراعى حركةُ ما قبلَ الهمزةِ، فما قبلَ الهمزةِ ضمٌ، والذي يناسبُ الضمَّ هو الواو، فحسبَ القاعدةِ يجبُ أن نكتبَ الكلمةَ بالشكلِ الآتي: (تبوُّؤ) ولكنَّها حالةٌ شاذةٌ، إذاً نقول (تبوُّء) ولا نقولُ (تبوُّؤ).

هذا، واللهُ تعالى أعلمُ، واعذروني على جَهْلي عليْكم، فهذا ما استطعْتُ جمعَهُ، وأرجوْ منكم تقويمَ أي خطأٍ مرَّ جَهْلاً أو سهواً، وبارك الله فيكم.
وجزا الله أختنا (ابنة الإسلام) خير الجزاء على إرفادي بحالات كتابة الهمزة المتوسطة على السطر.

وصلى الله على سيِّدِنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبِه أجمعينَ
والسلامُ عليكمْ ورحمةُ اللهِ تعالى وبركاتُه